يسير التنقيب في لبنان وفق الخطة الزمنية على الرغم من الإغلاق الوطني الجزئي الناتج عن جائحة فيروس كورونا. إلا أنه من المتوقع أن يكون لهذه الأزمة العالمية آثارًا مدمرة في الأشهر المقبلة على التنقيب عن الهيدروكربونات في لبنان وشرق المتوسط الأوسع وسط انخفاض أسعار النفط.
في حديث للمبادرة، قال السيد ريكاردو داريه، المدير العام لشركة توتال للتنقيب والإنتاج في لبنان إن الحفر سار على قدم وساق بفضل إجراءات استثنائية، علما أن شركة توتال للتنقيب والإنتاج تقود عمليات التنقيب في الرقعة 4 قبالة ساحل بيروت في تحالف مع إيني ونوفاتيك. وأشار إلى "المستوى العالي من التعاون الذي نلقاه من السلطات"، بما في ذلك هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان ووزارة الطاقة.
وقال داريه إنه من المتوقع أن يكتمل البئر بحلول أواخر نيسان / أبريل، على أن يتم بعد ذلك تقييم الجدوى التجارية بحلول أواخر حزيران / يونيو.
أعلن مجلس الوزراء اللبناني حالة الطوارئ الطبية في 15 آذار / مارس وأغلق المطار المدني الوحيد في لبنان بعد أربعة أيام من إعلان حالة الطوارئ الطبية، مستثنيا من القرار الموظفين والمعدات المتعلقة بالتنقيب عن النفط والغاز.
وقال داريه إن الطاقم على متن سفينة الحفر قبالة ساحل بيروت بدأ يعمل لأكثر من 5 أسابيع متتالية وذلك بدلاً من 4 أسابيع متتالية قبل التناوب كما جرت العادة.
إلا أنه استطرد قائلا إن "هناك حد لما يمكن أن نطلبه من الطاقم".
وأضاف إنه يتم حجر كافة أفراد الطاقم لفترة 14 يومًا ويخضعون لفحص كورونا قبل السماح لهم بالتنقيب، وذلك من باب الوقاية.
وقال داريه إن 25 موظفا أجنبيا نقلوا إلى لبنان في الأيام التي سبقت إغلاق المطار. ويعمل ما مجموعه 160 شخصًا على منصة التنقيب، منهم 30 إلى 35 لبنانيًا.
وفي حين تبدو العملية آمنة في المدى المنظور، قال داريه إنه في ظل انحطاط أسعار النفط، يتوقع أن تتسبب جائحة الفيروس بمشاكل في توريد المعدات اللازمة على المدى المتوسط نظرا لمعاناة الشركات في هذا الإطار. وقال إن بعض الشركات المتوسطة وصغيرة الحجم من المحتمل ألا "تنجو" بسبب انخفاض أسعار النفط.
وأردف قائلا إن هذا "قد يؤثر على" الحفر المخطط له في الرقعة 9 الجنوبية في وقت لاحق من العام. "نحن ملتزمون ببرنامج العمل بهدف بدء التنقيب بحلول نهاية العام، لكن لا أعلم ما قد يحدث مع فيروس كورونا حتى نهاية العام."
من جهته، توقع تشارلز إليناس، وهو خبير الطاقة في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، أن تتفاقم القضايا المتعلقة بفيروس كورونا جراء حرب الأسعار النفطية بين السعودية وروسيا والتي شهدت انخفاض سعر برميل النفط من 55 دولارًا تقريبًا في منتصف شباط / فبراير إلى حوالى 23 دولارًا في أواخر آذار / مارس.
وأضاف للمبادرة: "قد يبقى الوضع على ما هو عليه حتى العام المقبل، الامر الذي سيحث كافة الشركات على خفض الإنفاق".
"أظن أن شركات النفط ستحترم التزاماتها في شرق المتوسط بموجب العقود الموقعة، إلا أنها لن تذهب أبعد من ذلك".
هذا يعني أنه في حين من المرجح أن يتم التنقيب في الرقعة 9، وإن كان ذلك مع بعض التأخيرات، فقد تكون جولة الترخيص البحري الثانية في لبنان، والمخصصة لخمس رقع، جولة مشؤومة.
وقال إليناس إن على الحكومة أن تنظر في تمديد الموعد النهائي لتقديم العروض في الجولة الثانية والمحدد في 30 نيسان / أبريل. يجب إعادة إطلاق عملية تقديم العروض وفقًا لفترة التمديد المحددة.
إلا أنه حذر من أن التكلفة العالية نسبيا والضبابية التي تحيط بعملية التنقيب في لبنان وقبرص خصوصا، وشرق المتوسط عموما قد تضع المنطقة لسنوات عديدة في آخر أولويات شركات تسعى إلى تعويض خسائرها.
وقال إليناس: "ستتكبد الشركات خسائر كبيرة جراء الأسعار المنخفضة وستضطر للتعويض عن ذلك على مدى بعض الوقت، وربما السنوات، وذلك في محاولة لاسترداد الإيرادات المفقودة قبل أن تعود إلى وضعها الطبيعي".
"علينا توخي الحذر الشديد - لا يجب أن نسلّم أننا سنطور النفط والغاز ونكسب المال ونعيش بسعادة إلى أبد الآبدين. يميل سياسيونا إلى الاعتقاد بأن الغاز سيهب للنجدة عن قريب، إلا أنني غير واثق من ذلك. علينا مقاربة الأمور من منظور مختلف".
Photo Source: Asharq Al-Awsat