لبنان بحاجة إلى تحقيق نجاح حقيقي في المؤتمر العالمي لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية
في ١٨ حزيران-يونيو، من المتوقّع أن تدلي وزيرة الطاقة والمياه اللبنانية السيدة ندى البستاني خطابًا رئيسيًّا في مراسم افتتاح المؤتمر العالمي لمبادرة الشفافيّة للصناعات الاستخراجية الذي سينعقد في باريس.
وتشكّل مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية معيارًا دوليًّا للشفافيّة تقرّر الحكومات طوعًا بوضعه حيّز التنفيذ للنهوض بحوكمة أفضل لمواردها الطبيعية. وبالتالي تقوم الأطراف المعنيّة المختلفة في الدول (أي الحكومات، والشركات، والمجتمع المدني، وحتى مجالس النواب التي تشكّل هيئات رقابيّة في بعض الحالات) بتقديم تقرير للمبادرة يتضمّن معلومات متعلّقة بالقطاع ويمكن استخدامها لتحفيز الإصلاحات والإدارة السليمة للقطاع الاستخراجي.
وبالتالي، فإنّ مشاركة لبنان في هذا الحدث الكبير إنّما هي بالغة الأهمّية. والأهمّ من ذلك هو تسجيل لبنان لفوز أثناء مشاركته في المؤتمر. ويحاول اليوم لبنان بشدّة أن يحرّر مليارات الدولارات من القروض الميسّرة التي وُعد بها في مؤتمر سيدر، وذلك من خلال محاولة وضع الشروط المسبقة الإصلاحية والحوكميّة حيّز التنفيذ، ولكنّه يبقى جليًّا أن لبنان بحاجة ماسّة إلى تحقيق انجاز يعرضه أمام الأسرة الدوليّة.
فانضمام لبنان إلى المبادرة يكون فوزًا بحد ذاته وسيقوم، إن حصل، بتحسين صورة لبنان. ويبقى هاجسنا الحفاظ على مصداقيّة هذه الصورة.
هذه هي الخطوات الثلاث المتوقّع اتخاذها من قبل لبنان ليتم اعلان ترشيحه رسميًّا كدولة تضع معايير المبادرة حيّز التنفيذ. وقد أنجزت الخطوة الأولى في كانون الثاني-يناير ٢٠١٧، وهي إعراب الدولة اللبنانية علنًا عن نيّتها بوضع المبادرة حيّز التنفيذ. أمّا الخطوة الثانيّة، فهي تحديد الفائز ومنسّقًا وطنيًّا للمبادرة يتبوّأ مسؤوليّة متابعة تطوّرات عمليّة انفاذ المبادرة في لبنان. وقد تمّ تعيين وزير الطاقة والمياه ورئيس مجلس إدارة هيئة إدارة قطاع البترول لتأدية هذين الدورين. ويعتبر تشكيل مجموعة متعدّدة الأطراف الخطوة الثالثة. وفي شهر آذار-مارس الماضي، دعت وزيرة الطاقة والمياه المجتمع المدني لانتخاب ممثّليه للمجموعة المتعدّدة الأطراف التابعة للمبادرة. ويجري المجتمع المدني هذه الانتخابات وفقًا لمدوّنة قواعد السلوك التي بلورها المجتمع المدني جراء عملية تشاركية شاملة وطويلة.
وبعد تشكيلة المجموعة المتعدّدة الأطراف، تكون مهمّتها الأولى بلورة وثائق ثلاث تصبح جزء من الملف الذي سيرفع للدراسة المتعلّقة بترشيح لبنان للمبادرة. وهذه الوثائق الثلاث هي: صلاحيات أو نظام المجموعة المتعدّدة الأطراف، خطّة العمل التي تحدّد الأهداف والنشاطات التي ستقوم بها المجموعة لتنفيذ المبادرة في لبنان، وأخيرًا وليس آخرًا، خارطة الطريق لتنفيذ الملكيّة المنفعيّة.
ويتطلّب التحضير الكامل لملف الترشيح ما يقارب ١٠ إلى ١٢ شهرًا كما حصل في بلدان أخرى مثل ألمانيا وأوكرانيا.
وإذا بذلت الأطراف المعنية (أي الحكومة، والمجتمع المدني، والشركات الاستخراجية) الجهود اللازمة، قد يسرع لبنان مسيرته للانضمام الى المبادرة. ويستدعي هذا الأمر تضافر الجهود في اتجاه اطلاق عمل المجموعة المتعدّدة الأطراف. وبحلول شهر حزيران-يونيو، قد تستطيع وزيرة الطاقة والمياه ان تتشرّف بإعلانها في المؤتمر إتمام الخطوات الأولى لتحقيق ترشيحًا للمبادرة، أي تشكيل المجموعة المتعدّدة الأطراف.
وإذا يريد لبنان أن يؤخذ على محمل الجد من قبل الأسرة الدولية، يجب أن تتم بلورة القوانين والمواثيق التالية والمصادقة عليها:
انشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد: مشروع القانون ينتظر المصادقة عليه في مجلس النواب.
خارطة طريق الملكية المنفعية: يجب بلورة خارطة طريق تفصّل كيفية وضع الملكية المنفعية حيّز التنفيذ لتقليص مخاطر الفساد. وبطريقة ابسط، يجب الإفصاح عن الملكين الحقيقيين وعن المنتفعين الاقتصاديين للشركات المتعاقدة والمتعاقدة ثانويًّا. ويجب أن تتضمّن خارطة الطريق الخطوات الموجب اتباعها للمصادقة على مرسوم السجل البترولي الذي ينشر المالكين المنتفعين لجميع الشركات التي تحصل على التراخيص للعمل في القطاع البترولي في لبنان. وتنص المادة ١٠.٧ من القانون رقم ٨٤/٢-٢٠١٨ حول "تعزيز الشفافية في قطاع النفط والغاز" على الإفصاح عن أسماء المالكين الانتفاعيين للشركات المتعاقدة ثانويًّا في قطاع النفط والغاز، وبالتالي فمن المتوقّع أن يتضمّن مرسوم السجل البترولي أسماء مالكي جميع الشركات المتعاقدة ثانويًا في قطاع النفط والغاز. ونظرًا للأوضاع الراهنة في لبنان قلّة قليلة قد تعارض اهمّية تنفيذ هذه الولاية.
وباختصار، لا شكّ في أن لبنان بحاجة الى تحقيق فوزٍ ما. وتعتبر جمعيّتنا، أي المبادرة اللبنانية للنفط والغاز، والجمعية الشريكة "كلنا أرادة"، جمعيتين لا تبغيان الربح، وتسعيان للتنمية السليمة لقطاع النفط والغاز في لبنان. ونحن ننكبّ في العمل لمساعدة لبنان في تسريع ترشيحه للمبادرة، وذلك حصرًا عبر تطبيق المعايير الدولية الصارمة لضمان الشفافية والمساءلة.
المبادرة اللبنانية للنفط والغاز
كلنا إرادة