يجدر بالبرلمان اللبناني أن يجعل من جميع اجتماعات اللجان البرلمانيّة علنيّة وذلك تلبية لانتفاضة ١٧ تشرين الأوّل التي طالبت النواب المنتخبين بالمساءلة والشفافيّة.
فالبرلمان هو قلب البلد إذ يتّخذ قرارات كبيرة تؤثّر على جميع المسائل، من سياسات ضريبيّة إلى صحّة المواطن ومرورًا بالأمن والاقتصاد.
يجري حالًّا سنّ القوانين بعيدًا عن الرقابة العامّة، في لجان برلمانيّة تعمل بالسر.
وتنصّ المادّة ٣٤ من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن تكون "جلسات اللجان وأعمالها ومحاضرها ووقائع المناقشة والتصويت سرية ما لم تقرر اللجنة خلاف ذلك".
تدعو المبادرة إلى تعديل النظام الداخلي من أجل السماح للشعب بالمشاركة في الاجتماعات وبالإشراف عليها. وهذا يتضمّن نشر محاضر الاجتماعات، والتصويت والمناقشات، وبثّ الجلسات بشكل مباشر.
ويمن الحفاظ على سرّيّة الاجتماعات في حالات خاصّة مرتبطة بالأمن القومي أو بالشؤون الخارجيّة الدقيقة على سبيل المثال، على أن تكون هذه حالة الاستثناء وليسي القاعدة.
للاطّلاع على فيديو المناصرة، اضغط على الرابط التالي
يمكن للبنان أن يتعلّم من الخبرة التونسيّة. فبعد الثورة التونسيّة في العام ٢٠١١، اتّخذ البرلمان إصلاحات إجرائيّة جذريّة، بما فيها قرار يسمح ببثّ اجتماعات اللجان بشكل مباشر.
وأتى هذا القرار تلبيةً لمطالب الشعب بالمساءلة.
وفي لبنان، قدّم النواب مشروع قانون لتعديل النظام الداخلي، ولكن تعثّرت العمليّة.
فقد تقدّم النائب السابق سامر سعادة بمشروع قانون تعديل النظام الداخلي للمجلس النيابي وتقدّم النائب جورج عقيس بمشروع قانون مماثل في بداية ولايته البرلمانيّة ولكن لم يتمّ التصويت على أي من مشروعي القانون المقدّمين. وأشار عقيس في حديث مع المبادرة أنّ مشروع القانون الذي قدّمه رُفض مباشرةً.
وقال في هذا الصدد إنّ "[مشروع القانون] لم يرسل إلى اللجان النيابيّة كما وأنّه لم يتمّ إدراجه في جدول أعمال مجلس النواب".
وردًّا على السؤال حول أهمّيّة هذا التعديل، أقرّ عقيس أنّ "اليوم، يستطيع النائب أن يتكلّم بطريقة معيّنة وراء الأبواب المغلقة، وأن يدلي ببيان مختلف للإعلام – ولا يستطيع أحد أن يعارض كلامه بسبب الطابع السرّي للاجتماعات".
وأضاف قائلًا إنّ "الشعب هو مصدر السلطة بحسب الدستور – وكيف له أن يكون حقًّا مصدر هذه السلطة إذا لم يكن له هوصول حقيقي للمعلومات وجهل كيفيّة عمل هذه السلطات؟"
وتجدر الإشارة إلى أنّ الإصلاح لا يقتصر فقط على هذه المسألة بل يجب أن يكون ذات نطاق أوسع، وأن يشمل نظام التويت البرلماني الغامض. فحاليًا، يتمتّع رئيس مجلس النواب بالسلطة المطلقة ليبتّ في المضيّ قدمًا في التصويت على قانون ما أو لا، وغالبًا ما يجهل النواب شخصًّا قرار رئيس مجلس النواب النهائي.
يُطلب من النواب التصويت برفع اليد، ويقرّر رئيس مجلس النواب إذا اعتمد القانون أو لا. فبغياب سجلّ عام للتصويت، تصعب مساءلة النواب من قبل الشعب.
ويشير عقيص في هذا الإطار إلى "أنّنا لا نعلم من صوّت مع القانون ومن صوّت ضدّه، ولذلك لا يستطيع الشعب أن يقوم بمساءلة ممثّليه. فهذه أكبر مشكلة تطال مجلس النواب اليوم".
قد يستلهم لبنان من النهج المتّبع في برلمان المملكة المتّحدة على هذا الرابط حيث تتوفّر جميع سجلّات التصويت الخاصّة بنوّابهم إلكترونيًا، ويسهل الاطّلاع عليها واستعمالها.
قد يستغرق تغيير نظام الاقتراع في لبنان تعديل الدستور الذي ينصّ على إجراء التصويت شفهيًّا أو برفع اليد، كما ويستدعى الحصول على ثلثي أصوات أعضاء البرلمان.
تستحقّ هذه المسألة بذل الجهود لتحقيقها. فإذا كان هدف البرلمان تمثيل الشعب اللبناني اليوم، يجدر به أن يتّخذ تدابير إصلاحيّة جدّيّة من أجل استعادة الثقة وإنعاش الديمقراطيّة التشاركيّة في لبنان.